المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تنظم ندوة حوارية حول اتفاقية " السيداو "
نظمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ندوة حوارية حول اتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) ودورها في حماية حقوق المرأة الإنسان، والتي عقدت تزامنا مع استعداد مملكة البحرين لمناقشة التقرير الثالث أمام لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، والمقرر عقده في قصر الأمم المتحدة بجنيف في 11 فبراير 2014.
وتطرق سعادة الدكتور عبدالعزيز أبل رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في كلمته إن إقامة الندوة تأتي ضمن استراتيجية وخطة عمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان للأعوام 2013-2016 التي تم تدشينها مؤخرا، بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عن هذه الحقوق بكل الوسائل المتاحة وتوعية الأفراد بالحقوق الأساسية المكفولة لهم بموجب التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، معربا عن أمله أن تحقق المؤسسة الأهداف المرجوة في نشر وتنمية وتعزيز وحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين.
مؤكدا سعادته أن حقوق المرأة باتت تشكل جزء لا يتجزأ من الالتزامات التي تضطلع بها منظومة الأمم المتحدة عن طريق تعزيز تلك الحقوق باتفاقيات دولية تأتي في مقدمتها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما تتضمنه من أحكام تلزم الحكومات والمؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية وغير الدولية بتكثيف جهودها لحماية وتعزيز هذه الحقوق وقد جاءت الاتفاقية لتسد الفجوة في ميدان التنمية بين الرجل والمرأة.
من جانب آخر لفت سعادة رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إلى سعي مملكة البحرين نحو تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز بينهما، وفقا لما جاء في دستور مملكة البحرين، وهو ما تجلى من خلال مصادقة الشعب على ميثاق العمل الوطني الذي تضمن نصوصاً نوعية وأحكام خاصة بالمرأة واهمها حقوقها في مجال المشاركة السياسية والتزام الدولة بضمان حقوق المرأة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، وكذلك من خلال المبادرات الحكومية، ومنها إنشاء وحدات لتكافؤ الفرص، في مختلف الوزارات الحكومية والمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص، والعمل على إدماج احتياجات المرأة في التنمية، مضيفا أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تسعيان لسن قوانين تجرم العنف ضد المرأة، وغيرها من القوانين التي تسعى لإنصاف المرأة.
وفي بداية الندوة استعرضت الأستاذة لولوة صالح العوضي عضو مجلس الشورى والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للمرأة الشرائع والتشريعات الوطنية الحاكمة لحقوق المرأة الانسان في مملكه البحرين، وهي الشريعه الاسلامية، وميثاق العمل الوطني، ودستور مملكة البحرين المعدل لعام 2002، كما أشارت إلى الاعلانات والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وهي اعلان حقوق الانسان، والاتفاقية الدولية لمكافحة جميع اشكال التمييز ضد المرأة بصفة مباشرة، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والاتفاقية الدولية الاخرى ذات الصله بصفه غير مباشرة ومنها العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية.
وقدمت عضو الشورى تعريفا بأهم أحكام الاتفاقية وموادها ومدى تطابق أهدافها مع أهداف الألفية، ومجالات عملها والمبادئ الأساسية التي تنطلق منها الاتفاقية من حيث وجوب تبني مفهوم الكرامة الإنسانية عند مناقشة حقوق المرأة، واعتماد مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة ومبدأ تكافؤ الفرص في التنمية، وحماية المرأة ضد كل السياسات التي قد تؤثر على تمتعها بحقوقها الأساسية، وكذلك اعتبار حقوق المرأة في المقام الأول حقوق إنسان دون الحاجة إلى تبريرها.
كما أشارت الأستاذة لؤلؤة العوضي إلى الجديد في الاتفاقية وهو توسيع حقوق المرأة الإنسان، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق المساواة في كافة المجالات، وتحديد الإجراءات اللازمة لذلك، والدعوة إلى اتخاذ التدابير المؤقتة (التمييز الإيجابي)، وإلزام الدول بالعمل على تعديل الأنماط السائدة للسلوك (الاجتماعية ـ الثقافية ـ الأدوار النمطية)، بالإضافة إلى فرض معايير المساواة وعدم التمييز في الحياة الخاصة والعامة على حد سواء، وبينت أن الاتفاقية لم تتناول في أحكامها الحقوق الإنجابية والجنسية للمرأة، ولم تتناول بنصوص صريحة ومباشرة إلى حماية النساء من كل أشكال العنف، وقالت العوضي أن الاتفاقية تتفق في أهدافها مع القضاء على التفاوت القائم على أساس النوع الاجتماعي وتمكين المرأة وتحقيق تعليم أساسي شامل للجنسين.
ونوهت عضو مجلس الشورى إلى التحفظات الواردة على اتفاقية السيــداو ، مشيرة إلى أن مبررات تحفظات الدول العربية والإسلامية جاءت حول تعارض الاتفاقية مع التشريع الوطني وأحكام الشريعة الإسلامية، وما يخص مبدأ السيادة، لكنها لفتت إلى سحب بعض الدول العربية ومن بينها المغرب واليمن مؤخرا تحفظاتها على الاتفاقية، كما قامت الأردن بسحب تحفظها على المادة (2)، وقامت مصر بسحب تحفظها على المادة الخاصة بالجنسية.
وقالت العوضي أن المواد التي تحفظت عليها مملكة البحرين هي المادة (2) بما يضمن تنفيذها في حدود أحكام الشريعة الإسلامية، والمادة (9) فقرة (2) والمادة (15) فقرة (4) والمادة (16)، فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والمادة (29) فقرة (1)، وتطرقت إلى آلية مراقبة إنفاذ الاتفاقية في الدول الأعضاء، وذلك من خلال تشكيل لجنة التمييز التابعة للأمم المتحدة طبقًا للمادة (17) من الاتفاقية بغرض دراسة التقدّم المحرز وتتألف اللجنة من 23 خبيرًا، فيما أشارت إلى اختصاصات اللجنة بحسب ما جاء في نص المادة (18) من الاتفاقية من خلال تعهّد الدول الأطراف بتقديم تقارير عما تتخذه من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها، من أجل إنفاذ هذه الاتفاقية وعن التقدّم المحرز في ذلك خلال سنة واحدة من بدء النفاذ بالنسبة للدول المعنية، وبعد ذلك كل أربع سنوات أو كلما طلبت اللجنة ذلك.
وتناولت الأستاذة لؤلؤة تأثير التقارير الدورية وتوصيات لجنة التمييز على المركز القانوني والواقعي للمرأة في مملكة البحرين حيث يتم رفع التقارير الدورية للجنة التمييز التابعة للأمم المتحدة والتي ترفعها للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، ويأتي ذلك من خلال نوعين من التقارير، الرسمية وتقارير الظل.
وختمت عضو مجلس الشوري إلى أن توصيات لجنة التمييز لها تأثير مباشر وقوي على الدول التي تسعى جاهدة لتطوير مركز المرأة فيها، وتقديم المعونة الفنية لبعض الدول على كيفية التغلب على الصعاب، وتدريب وتطوير الأجهزة المعنية بالمرأة في كيفية التعامل مع حقوق المرأة لسدّ النواقص في التشريع والإجراءات والتدابير.
حيث أكدت الأستاذة شهزلان عبدالحسين عضو الاتحاد النسائي البحريني عدم وجود تناقض بين الاتفاقية والنصوص الدستورية وقالت أنها منسجمة مع دستور مملكة البحرين والذي يتحدث في مواده عن المساواة بين الرجال والنساء ومبدأ تكافؤ الفرص ، كما أنها تنسجم في مبدأها الخاص بالمساواة، مع مبادئ الدين الإسلامي.
وأضافت عضو الاتحاد النسائي بأنه لابد أن نعترف بوجود بعض التمييز على أرض الواقع نتيجة عدم وجود بعض التدابير الاحترازية، كما توجد الكثير من الحالات الإنسانية بشأن التفرقة في الجنسية بالنسبة للمرأة، لكن التعديلات التي جرت مؤخرا على القوانين وضعت حلولا مناسبة لهذا الأمر، كما ناقشت عبدالحسين موضوع الخدمة الإسكانية كحق للمرأة وما طرأ عليه مؤخرا من تعديلات تصب في مصلحة حقوق المرأة، وطرحت فكرة (الكوتة) للمرأة في المجالس المنتخبة واعتبرته إجراء مؤقتا للتعرف على إمكانيات المرأة وكيفية إدارتها للمناصب السياسية.
من جانبه بين الدكتور إبراهيم بدوي أهمية فهم التحفظات حول الاتفاقيات بشكل عام وما وضعته الأمم المتحدة والتي اخذت في اعتباراتها أن الدول لديها سيادة وكانت الأمم المتحدة تعمل على مبدأ حقوق الإنسان لكن هناك خصوصيات لكل دولة وهو ما أثير في احد اجتماعات الأمم المتحدة في التسعينات ، فيما أشار إلى دور الأجهزة الرقابية لتنفيذ الاتفاقية لافتا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتحدث عن جزاءات إلا في حالات تهديد السلم الدولي، وقال إن الجزاءات ارتبطت بمبدأ التعاون مع الدول والأمم المتحدة للارتقاء بحقوق الإنسان والهدف الأساسي هو الارتقاء بالدولة وليس المحاسبة.
كما لفت الدكتور بدوي إلى أهمية التعاون بين الأمم المتحدة والدول الموقعة على الاتفاقية، وأشار إلى المنظمات غير الحكومية التي تقدم تقاريرا، بهدف الوصول لتقييم واقعي لأحوال المرأة في الدول، كما أن اتفاقية السيداو اعطت للدول الحرية في الانضمام لها، وقد أكد انضمام البحرين للاتفاقية أن لديها الإرادة السياسية والرغبة في دعم حقوق المرأة وهو ما ظهر في بنود دستور المملكة.
وقال الدكتور بدوي أن الدولة في حال انضمت إلى الاتفاقية وعبرت عن التزامها بمزيد من الإجراءات، فإنه من حقها أن تبدي تحفظات طالما لم تتعارض مع أهداف الاتفاقية، ومملكة البحرين عندما تحفظت كان لنقاط ومبادئ تتعارض مع ثوابتها الوطنية ومعنى ذلك أن الدولة تبدي التزامها مع وجود بعض التحفظ، لكن يبقى الالتزام، وأكد أن مفهوم التحفظ مفهوم رئيسي وينظر له في (السيداو) وعند الالتزام بالاتفاقية يعني تطبيقها في صورة تشريعات وقوانين.
ونوه مستشار وزارة الخارجية إلى تحفظ البحرين على المادة (16) من الاتفاقية فيما يتعارض مع الشريعة الإسلامية وقال أنه تحفظ عام، ويجب على وفد المملكة أن يؤكد في الاجتماع القادم على أن التحفظ لا يتعارض مع مبدأ المساواة، وأشار إلى تحفظ البحرين على المادة 29 والخاصة بتفسير الاتفاقية بين الدول الموقعة بينما حددت الاتفاقية محكمة العدل الدولية لحل المنازعات بين الدول لكنه أكد أن غالبية الدول تفضل المفاوضات.
وأوضح الدكتور بدوي إلي أن ما ذكرته البحرين من أنها ربما تعيد النظر في بعض التحفظات وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فيما أشاد بدور المجلس الاعلى للمرأة ودوره الكبير في التشاور مع الجهات المعنية وتقديم توصياته لمجلس الوزراء لإعادة النظر في التحفظات السابقة والتي على ضوئها وافق المجلس على مشروع قانون لتعديل التحفظات في المرسوم بقانون الخاص بالانضمام للاتفاقية.
وقال الدكتور بدوي أن هيئة الإفتاء والتشريع تقدمت بنص جديد بصيغة مختلفة حول ما يتعلق بتحفظات المملكة على المادتين (2) و (16) من الاتفاقية وهو أن "البحرين تلتزم بما جاء في هاتين المادتين دون الإخلال بالشريعة الإسلامية"، مؤكدا أن موقف المملكة من اتفاقية السيداو يتسم بالإيجابية ويتضح ذلك من الاستعداد للتحاور وإبراز الوجه المضيء للشريعة الإسلامية.