انطلاق أعمال المؤتمر الدولي «العقوبات والتدابير البديلة» بالمنامة
انطلقت اليوم الثلاثاء بالعاصمة البحرينية المنامة، أعمال المؤتمر الدولي الذي تنظمه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين تحت شعار "قانون العقوبات والتدابير البديلة: تجربة نوعية في التشريع الجنائي"، بمشاركة محلية وإقليمية ودولية واسعة وفاعلة في المجال الحقوقي.
ويناقش المؤتمر كيفية تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، والتطبيقات والجهات المعنية بتنفيذ القانون، ودور الجهات المساندة في تفعيل القانون، بالإضافة الى طبيعة الأعمال التي تسند إلى المحكوم عليهم، وذلك في ظل الجهود التي توليها مملكة البحرين في تطوير العدالة الجنائية.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 300 مشارك من بينهم عدد من الوزارات والجهات الرسمية في مملكة البحرين كوزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة ومجلس أمناء المرصد العربي لحقوق الإنسان، ورئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وممثلو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأعضاء في الشبكة، وممثلون عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المكتب التنفيذي للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إلى جانب ممثلين عن المنظمات الحكومية وغير الحكومية، والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر، أوضح المهندس علي أحمد الدرازي رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين، بأن تنظيم هذا المؤتمر جاء في ظل ما تشهده البحرين من تقدم بارز في مجال حقوق الإنسان، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، والحرص البالغ الذي توليه الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، ونتاجًا للرغبة الحقيقية والجادة لدى المؤسسة الوطنية - التي أخذت على عاتقها منذ تأسيسها تنفيذ ما جاء في التشريعات المختلفة بصفتها إحدى الآليات الوطنية المستقلة المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في البحرين - وجميع الشركاء في تفعيل نظام العقوبات البديلة، الذي استطاعت البحرين من خلاله أن تكون في مصاف الدول المتقدمة في منظومتها التشريعية والعدلية والحقوقية بوصفه نظامًا عقابيا واصلاحيا في آن واحد.
ونوّه الدرازي بالدور الكبير الذي تضطلعُ به وزارة الداخلية في تنفيذ الإجراءات المعنية بنظام العقوبات البديلة، بوصفه نقلة نوعية في تطور وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، ويسهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي والأسري، وترسيخ النهج الإنساني والحقوقي من تأهيل المحكومين لجعلهم عناصر فاعلة في المجتمع.
ودعا رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ختام كلمته إلى التكاتف والتعاون من أجل بذل المزيد من الجهد لتعزيز الوعي لدى الجميع بأهمية المشاركة في تفعيل بنود قانون العقوبات والتدابير البديلة، لتكون تلك الجهات شريكًا حقيقيًا في تأهيل المحكوم عليهم للإسهام في تقبلهم من قبل المجتمع، معربا عن أمله في أن يضع المؤتمر توصيات وخطة عمل لمتابعة تنفيذها بما يلبي التطلعات المرجوة منه.
من جانبه، قال سعادة الشيخ خالد بن راشد آل خليفة مدير عام الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة، أن وزارة الداخلية قامت بتطبيق الرؤية الملكية السامية المتعلقة بترسيخ الحقوق والحريات على أرض الواقع، حيث سعت الوزارة خلال السنوات الماضية إلى بناء استراتيجية متكاملة لاحترام حقوق الإنسان من خلال الاهتمام بالعنصر البشري لمنتسبيها وبصفة خاصة رجال الأمن المعنيين بإنفاذ وتطبيق القانون.
وأكد سعادته حرص الوزارة على التوسع والتقدم في نطاق تطبيق القانون وتطوير الآليات المتبعة وتنمية الشراكات المثمرة لمزيد من النهوض والإنجاز، معربا عن خالص الشكر والتقدير للمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان على تنظيم هذا المؤتمر الذي يعكس مستوى الأهمية البالغة التي شكلتها العقوبات البديلة وأثرها الإيجابي على أرض الواقع في تعزيز الإصلاح وصيانة الحقوق والحريات وسيادة القانون بما يتوافق مع المعايير والاتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات الدولية وذلك منذ البدء بتنفيذ المشروع في عام 2017.
من جهته، أعرب معالي السيد عادل بن عبدالرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي، رئيس مجلس أمناء المرصد العربي لحقوق والانسان، عن خالص شكره وتقديره للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لتنظيم هذا المؤتمر، لما يقدمه من رسالة نبيلة وسامية في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والعمل على تعزيزها وحمايتها، لافتا الى أن تجربة مملكة البحرين في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، أعطت لها السبق والريادة في محيطها العربي والإقليمي وعلى المستوى الدولي أيضاً، حيث إنما تمثل نقلة حضارية غير مسبوقة، تجسد المعاني الإنسانية النبيلة المتجذرة في المجتمع البحريني، كما تمثل انجازاً جديداً في مسيرة تطوير وتحديث التشريعات ضمن المسيرة التنموية الشاملة في مملكة البحرين، التي تأتي انعكاسا للرؤية الملكية المستنيرة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، تجاه تعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان في التشريعات الوطنية، بما يسهم في تحقيق الاستقرار المجتمعي بمفهومه الواسع، وتجسيداً للنهج الإنساني الذي يتبناه جلالته تجاه ملف حقوق الإنسان.
وأشاد معالي رئيس البرلمان العربي، بالجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة الداخلية البحرينية بقيادة معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية بمملكة البحرين، من أجل ترجمة أهداف ومرئيات قانون العقوبات البديلة وبرنامج السجون المفتوحة إلى سياسات تنفيذية على أرض الواقع، متطلعا الى أن تحقق النقاشات البنَّاءة التي ستدور في إطار المؤتمر الى غاياته وأهدافه نبيلة.
من جانبه، أكد سعادة السيد أحمد سالم بوحبيني رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، على أهمية الإجراءات البديلة للعقوبات الجنائية، مشيرا الى تجارب بعض الدول التي انتهجت سياسات بديلة لعقوبة السجن كالأعمال ذات النفع العام وغيرها، أظهرت نتائج جد إيجابية، تجلت في التراجع الملحوظ للجريمة بشكل عام، وتقليص عدد المحتجزين داخل السجون، وانتشار السكينة والأمن بين صفوف الساكنة.
وأكد رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، على أهمية موضوع هذا المؤتمر وحسن اختياره الذي ينم عن وضوح الرؤية وبعد النظر، ولفت الى أن العديد من الدراسات تشير إلى انخفاض معدل العودة إلى الإجرام عند الجانحين المدانين بعقوبات بديلة مقارنة بأولئك الذين تعرضوا للعملية التقليدية للسجن، مشددا على أهمية التطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي؛ نحو الفعل الذي يتعين القيام به والنتائج المراد الحصول عليها، أكثر من الجريمة المرتكبة.
من جهته، أشار الأستاذ علاء شلبي رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الى الرغبة المعلنة لمملكة البحرين في مواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث بصورة عامة وفي المجال الحقوقي بصفة خاصة، حيث يشكل المؤتمر علامة مهمة على تفعيل ذلك.
ولفت شلبي الى أن مبادرة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لعقد هذا المؤتمر ستعمق النقاش حول هذه التجربة المهمة، وستساهم بالرأي في سبل إثرائها وتطويرها، وكذا على صعيد الاستفادة من دروسها في الساحات الأخرى، وخاصة في المنطقة العربية، مؤكدا في ختام كلمته على أهمية الحاجة لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان التي لم تعد أمراً ترفياً، فضلاً عن الأهمية الجارفة لحقوق الإنسان في إنجاح جهود التنمية وترقية عوائدها.
ويهدف المؤتمر الى تقريب وجهات النظر وإجراء تكامل بين الجهات المسؤولة عن تنفيذ هذا القانون عبر تسليط الضوء على دور كل جهة من الجهات ذات العلاقة في القيام بالمطلوب، من أجل تنفيذ قانون العقوبات والتدابير البديلة وتعديلاته التنفيذ الأكمل، مع الوقوف على التحديات التي تواجه تلك الجهات في تنفيذ القانون، والاطلاع على تجارب دول أخرى في ذات المجال والاستفادة منها.
هذا وناقش المؤتمر في اليوم الأول، قانون العقوبات والتدابير البديلة وجهود الجهات المختلفة في هذا المجال، حيث اشتملت الجلسة الأولى على خمسة محاور تم التطرق من خلالها الى جهود وزارة الداخلية في إجراءات تنفيذ وتطبيق العقوبات والتدابير البديلة، ودور وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في برامج التأهيل والتدريب للمحكوم عليهم بعقوبات بديلة وإجراءات تنفيذها، الى جانب جهود المجلس الأعلى للقضاء في تطوير منظومة العمل القضائي من خلال دور قاضي الموضوع في استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة بديلة، وكيفية تعزيز إجراءات العدالة الجنائية في النيابة العامة، بالإضافة الى تنفيذ نظام السجون المفتوحة ودوره في إدماج المستفيدين من القانون في المجتمع. فيما ناقشت الجلسة الثانية دور عدد من المؤسسات الوطنية العربية والأجنبية لحقوق الإنسان في متابعة تنفيذ قانون العقوبات والتدابير البديلة، حيث اشتملت على خمسة محاور تم خلالها التطرق الى تجارب دول تلك المؤسسات في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة.
وستناقش عدد من جلسات اليوم الثاني التحديات التي تواجه الجهات المشرفة على تنفيذ القانون، والمحكوم عليهم في تطبيقه، وستتبعها جلسة حوارية مشتركة بعنوان: "مرئيات مؤسسات المجتمع المدني في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة وأهم التحديات التي تواجه التنفيذ"، فيما ستشهد الجلسة الأخيرة مناقشة واعتماد التوصيات الختامية للمؤتمر.